أولاً : أنها معلومة ومسجلة ولم يخف منها شيء، فما ترك علماء الإسلام على مر التاريخ باباً من أبواب السيرة إلا وقد ألفوا فيه مؤلفاً مستقلاً ، شمل ذلك دقائقها وجزئياتها حتى أصبح المسلم عند قراءته لسيرة النبي "صلى الله عليه وسلم" كأنه يعايشه ويشاهده تماماً لوضوحها وشمولها ، ويكفي أن تعلم أن عدد ما ألف في السيرة النبوية في اللغة الأوردية -وهي لغة حديثة- يزيد عن ألف كتاب ، وعدد ما ألف في اللغات الأوربية في القرن نفسه يزيد ألف وثلاثمائة كتاب ، هذا في القرن الثالث عشر
ثانياً : ما تميزت به من الصدق والأمانة في نقلها ، فقد حظيت ضمن ما حظيه الحديث من التمحيص والتحقيق والمقارنة والتثبت من النقلة ومعرفة الصحيح منها من الضعيف ، فأصبحت أصح سيرة نقلت إلينا عن نبي أو عظيم.
ثالثاً : أن رسالته "صلى الله عليه وسلم" عامة لجميع الخلق مع خلودها.
فسيرته قدوة وأسوة لكل البشر قد ساوت بين الملوك والسوقة ، سيرة ينتفع بها صغار الناس وكبارهم ، فهم في دين الله سواء قد رُفع من شأن الجميع.
رابعا : عالمية الرسالة و ركيزة الدعوة وقال "صلى الله عليه وسلم" : « وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً»
إن الإنسانية كلها تتطلع إلى مثل أعلى تقتدي به ، ولن تجد سيرة لعظيم أو نبي معلومة كاملة شاملة غير سيرة النبي "صلى الله عليه وسلم".
إن أي دين لا يقوم على ركيزتين : حقوق الله ، وحقوق البشر لا يمكن أن ينقذ البشرية ويقودها إلى الصلاح والنجاة والسعادة والكمال.
خامساً : شمولها لجميع نواحي الحياة مع الوضوح التام فيها لقد عاش النبي "صلى الله عليه وسلم" بين صحابته وتزوج بتسع نسوة ، وأمر أن يبلغ الشاهد منهم الغائب ، وقال : « بلغوا عني ولو آية » رواه البخاري (3274) وقال : « نضر الله امرءاً سمع منا شيئاً فبلغه كما سمعه ، فرب مبلغ أوعى من سامع » رواه الترمذي (2657) وصححه الألباني وما سافر وحده قط ، ولا اعتزل الناس في يوم من الأيام أبداً ، وقد تضافر الصحابة على نقل كل شيء عنه ، بل تفرغ عدد منهم للرواية والمتابعة له كأهل الصفة.
لقد وصفوه في قيامه وجلوسه ، وكيف ينام ، وهيئته في ضحكه وابتسامته ، وكيف اغتساله ووضوؤه ، وكيف يشرب ويأكل وما يعجبه من الطعام، ووصفوا جسده الطاهر كأنك تراه ، حتى ذكروا عدد الشعرات البيض في رأسه ولحيته ، ولمحة في كتاب من كتب السيرة والشمائل تجد العجب من هذا الشمول وهذه الدقة في الوصف والنقل
سادساً: أنها بعمومها لم تتعد القدرة البشرية، أي أنها لم تتكىء على الخوارق، أو قامت فصولها على معجزة من المعجزات خارجة عن قدرات البشر. بل إنه من السهل التعرف عليها وتطبيقها، والاقتداء بها، فهي ليست مثالية التطبيق.
منقول عن
د. يحي إبراهيم اليحي