هجرته مع رسول الله صلى الله عليه و سلم
أقام مع رسول الله في الغار ثلاثة أيام؛ قال اللّه تعالى: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا}.
ولما كانت الهجرة جاء رسول اللّه صلى اللّه عليه إلى أبي بكر وهو نائم فأيقظه، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: قد أذن لي في الخروج
قالت عائشة: فلقد رأيت أبا بكر يبكي من الفرح،
ثم خرجا حتى دخلا الغار فأقاما فيه ثلاثة أيام. وأن رسول اللّه لولا ثقته التامة بأبي بكر لما صاحبه في هجرته فاستخلصه لنفسه. وكل من سوى أبي بكر فارق رسول اللّه، وإن اللّه تعالى سماه "ثاني اثنين".
قال رسول صلى اللّه عليه وسلم لحسان بن ثابت: "هل قلت في أبي بكر شيئاً؟" فقال: نعم.
فقال: "قل وأنا أسمع".
فقال:
وثاني اثنين في الغار المنيف وقد * طاف العدوّ به إذ صعَّد الجبلا
وكان حِبِّ رسول اللّه قد علموا * من البرية لم يعدل به رجلاً
فضحك رسول اللّه حتى بدت نواجذه، ثم قال: "صدقت يا حسان هو كما قلت".
جهاده بنفسه و ماله
كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يكرمه ويجله ويثني عليه في وجهه واستخلفه في الصلاة، وشهد مع رسول اللّه بدراً وأُحداً والخندق وبيعة الرضوان بالحُدَيبية وخيبر وفتح مكة وحُنَيناً والطائف وتَبوك وحَجة الوداع. ودفع رسول اللّه رايته العظمى يوم تبوك إلى أبي بكر وكانت سوداء، وكان فيمن ثبت معه يوم أُحد وحين ولَّى الناس يوم حنين. وهو من كبار الصحابة الذين حفظوا القرآن كله.
وأعتق أبو بكر سبعة ممن كانوا يعذبون في اللّه تعالى وهم: بلال، وعامر بن فهيرة، وزِنِّيرة، والنَّهديَّة، وابنتها، وجارية بني مؤمّل، وأم عُبيس.
وكان أبو بكر إذا مُدح قال: "اللّهم أنت أعلم بي من نفسي وأنا أعلم بنفسي منهم. اللّهم اجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون ولا تؤاخذني بما يقولون".
قال عمر رضي اللّه عنه: أمرنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن نتصدق ووافق ذلك مالاً عندي. فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته، فجئت بنصف مالي.
فقال: ما أبقيت لأهلك؟
قلت: مثله.
وجاء أبو بكر بكل ما عنده.
فقال: يا أبا بكر، ما أبقيت لأهلك؟
قال: أبقيت لهم اللّه ورسوله. قلت: لا أسبقه إلى شيء أبداً.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "ما نفعني مال أحد قطُّ ما نفعني مال أبي بكر"
فبكى أبو بكر وقال: وهل أنا ومالي إلا لك يا رسول اللّه.
ونزل فيه وفي عمر: {وَشَاوِرْهم في الأمر} فكان أبو بكر بمنزلة الوزير من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فكان يشاوره في أموره كلها.
مكانته عند رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً". رواه البخاري ومسلم.
عن عمرو بن العاص: أن النبي عليه السلام بعثه على جيش ذات السلاسل قال: فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك؟ فقال: عائشة.
فقلت: من الرجال؟ فقال: أبوها.
عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال : كنت جالسا عند النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: أما صاحبكم فقد غامر
فسلم وقال : ( إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء ، فأسرعت إليه ثم ندمت ، فسألته أن يغفر لي ، فأبى علي فأقبلت إليك
فقال : ( يغفر الله لك يا أبا بكر ) ثلاثا ،
ثم إن عمر ندم ، فأتى منزل أبي بكر ، فسأل : ( أثم أبو بكر ) فقالوا : ( لا )
فأتى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فسلم ، فجعل وجه النبي -صلى الله عليه وسلم- يتمعر ، حتى أشفق أبو بكر ، فجثا على ركبتيه فقال : ( يا رسول الله ، والله أنا كنت أظلم مرتين )
فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ( إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت ، وقال أبو بكر صدق ، وواساني بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي ) مرتين فما أوذي بعدها